كيف تؤسس مشروعك العالمي ؟!
كثير منها تشغله بشدة معرفة طريقة تأسيس تلك العلامات التجارية العالمية متعددة الأفرع. ولعل من أفضل
الطرق للتعرف على ذلك هو الإطلاع على التجارب الفعلية من أفواه وكلمات مؤسيي تلك المشروعات.
أحد تلك التجاري مسجل في كتاب “الجميع قادرون” لسحر و بوبي هاشمي, مؤسسي سلسلة مقاهي
“جمهورية القهوة”, سننطلق سويا خلال
الكلمات التالية لنتعرف على موجز تلك القصة الرائعة.
مساء يوم 2 نوفمبر1994 في أحد مطاعم لندن دار حوار بين سحر هاشمي وأخوها بوبي هاشمي . سحر قالت لأخوها
إنها مفتقدة مقاهي نيويورك التي تقدم قهوة الاسبريسو المميزة والكابتشينو اللذيذ وأنها غير مستوعبة غياب ذلك
النوع من المقاهي عن لندن, رد عليها بوبي قائلا
أنها ربما تكون فرصة استثمارية كبيرة أن يصبحوا أصحاب أول مقهى مختص في القهوة في لندن…
و لكن سحر رفضت لكن بوبي أقنعها
بطريقة غريبة. ولكن نعرف كيف حدث ذلك دعونا نرجع إلى الخلف قليلا.
سحر محامية و بوبي خبير مصرفي , بعد تخرجه مباشرة صمم يدخل سوق الأسهم الذي يحبه ويترك مجال دراسته
في هندسة الكمبيوتر, والده اعطاه 10 الاف دولار ويتحداه يزيد المبلغ عشر أضعاف في 3 شهور
بوبي قبل التحدي وبدأ يستثمر المبلغ في شراء الأسهم وإعادة بيعها, وبعد مرور ال 3 أشهر كانت النتيجة صفر.
بوبي خسر كل الفلوس, ومنذ
ذلك الحين بدأ يفكر بعمق قبل كل خطوة مهما كان شكلها مغري.
بوبي بعدها سافر نيويورك وبدأ دراسة ماجستير إدارة الأعمال علشان يزود من فهمه لعالم المال والأعمال ويكون
جاهز لأي خطوة مستقبليه.
في نفس الوقت كانت أخته تعاني في وظيفة المحاماة وتم طردها من عملها و قررت انها تعمل من البيت لكن لم
تستطع أن تحصل على أي
عرض عمل , و بعدها بفترة بسيطة تحديدا في سنة 1993 أبوهم مات وهذا أثر على نفسية الأخوان هاشمي.
عام 1994 سحر قررت تسافر للارجنتين كنوع من استعادة النشاط وتحسين الحالة النفسية علشان تقدر تكمل
حياتها . وهي في طريق العودة إلى
لندن قررت انها تقضي عدة أسابيع في نيوريورك الأول وبعدها ترجع إلى لندن,
خلال تلك الاسابيع أعجبت بمقاهي القهوة المتخصصة الموجودة في نيويورك خاصة مقى اسمه
“قهوة العالم الجديد” يقدم نوع مختلف وجديد من القهوة اسمه “الكابتشينو” بالاضافة لبعض المخبوزات
والحلويات الخفيفة. وبعد انتهاء رحلتها في نيويورك كملت طريقها للندن.
و فعلا رجعت بعدها بنشاط وحيوية للندن و اجتمعت مع أخوها في أحد المطاعم واتولدت الفكرة…
فكرة جمهورية القهوة”.
في البداية سحر كانت رافضة تبدأ أي نشاط تجاري لكن بوبي قالها سأعطيك مرتب اسبوع في مقابل انك تعملي
على الفكرة وتحللي المنافسين
المحتملين وتحددي مدى احتياج سكان لندن للمقاهي المتخصصة في القهوة وبعدها قرري نبدأ في
تنفيذ الفكرةأم لا!!
و ساعتها سحر وافقت لأنها لن تخسر شيء, فبدل البحث عن عمل كمحامية دون جدوى. أمامها وظيفة
لمدة اسبوع وربما بعدها يحصل ما لا تتوقع.
سحر استقلت المترو وبدأت تتابع المقاهي الموجودة في المحطات التي تقدم شطائر بالإضافة لمشروبات منها
القهوة. وعلى الرغم من انها كانت
تقدم أنواع محدودة وقليلة جدا من القهوة و بطعم سىء إلا إن الاقبال عليها كان كثيف جدا وهذا يعني ان السوق
محتاج فكرتهم,
محتاج مقاهي مختصة في القهوة فقط وهذه كانت الفجوة السوقية التي سيسارعون نحوها من خلال مشروعهم
“جمهورية القهوة”.
الأخوان هاشمي ركزوا جدا على أبحاث السوق وهذه خطوة مهمة يغفل عنها كتير من أصحاب المشاريع الرغم من
أهميتها
التى توضحها عبارة الأخوان هاشمي التالية ” أبحاث السوق هي مهمة ضخمة لإيجاد الحقائق”. الحقائق هي
التي يبنى عليها مشروعك وخططك وليست الأمنيات.
وبالتوازي مع أبحاث السوق اتبع الأخوان هاشمي ما يعرف ب “مبدأ زولو” وهو ببساطة ينص على إن “بإمكان أي
شخص أن يكون خبير بأي
شىء إذا ركز عليه بشكل كامل” يعني لو فرغت وقتك واهتمامك لمجال ما فبعد فترة هتصبح خبير فيه. وهذا ما قام
به الأخوان هاشمي,
قرئوا كل شىء عرفوا يوصلوله عن القهوة واشتركوا في دورات متخصصة وجمعوا أكبر قدر ممكن من المعلومات
عن سوق القهوة و العاملين
فيه والمهتمين به بل وسافرت سحر لنيويورك من جديد لكي تعرف تفاصيل أكثر عن مصدر الفكرة الأساسي وتجرب
أكبر عدد ممكن من مقاهي القهوة هناك
وصورت كل شىء بداية من تصميمات المقاهي مروراً بأدوات وأجهزة تحضير القهوة وصولاً لأشكال اللافتات
ودونت وكتبت كل الملاحظات والتفاصيل.
ورجعت على لندن وبدأت تبحث عن أفضل مكان ممكن لتأسيس أول فروع المقهي . قارنت بين عدة أماكن ولم
تكتفي بترشحيات المسوقين
العقارين ولكن بنفسها زارت أماكن مختلفة وظلت منتظرة ساعات تحسب متوسط عدد المرور في الساعة.
وأتجهت سحر للخطوة التالية وهي حساب كل النفقات المطلوبة وتجهيز فريق العمل لكن كان فيه مفاجأة
بتهددهم المشروع في بدايته وهو إن
ستاربكس كانت تخطط للتوسع خارج الولايات المتحدة وتحديدا في لندن بالإضافة لشركتين أخريتين أصحاب
إمكانيات مالية عالية, لكن من حسن
الحظ إن الثلاثة انشغلوا وتأخروا في افتتاح المقاهي الخاصة بهم لبعض الوقت وهذا منح الفرصة للأخوان هاشمي
أن يكون لهم الصدارة والريادة في لندن.
وبعد ما أتموا الخطة كاملة وعرفوا أنهم بحاجة إلى حوالي 64 ألف جنيه استرليني . بدئوا يبحثوا عن مصادر التمويل
المحتملة لتوفير المبلغ وهنا
بدأت رحلة احباطات بسبب رفض الممولين للفكرة والسخرية منها والتأكيد على انها فكرة فاشلة تماما وبالتالي
مستحيل يستثمروا فيها ولو جنيه استرليني واحد.
استمر ذلك إلى أن قابل الأخوان هاشمي مصرفي بريطاني اسمه “لندوب” . كانوا في البداية مستبعدين تماما إنه نت
ممكن أن يوافق على دعمهم
ماليا في المشروع خاصة أن تجاوبه معهم كان ضعيف, لكنهم أكملوا عرض الفكرة عليه والمفاجأة انه وافق على
توفير المبلغ لهم لكي يطلقوا أول فروع “جمهورية القهوة”.
وأثناء تأسيس “جمهورية القهوة” كان الأخوان هاشمي يدور بذهنهم سؤال معين لما يختاروا أي تفصيله صغيرة أو
كبيرة في المقهى : »
ما هي الرسالة التي يقدمها هذا الشىء عن عالمتنا التجارية؟«
يعني كل شىء في متجرك أو مشروعك لازم يكون معبر عن هويتك كبراند له مزايا تنافسية تفرقه عن غيره من
اللاعبين في السوق.
الأخوان هاشمي بذلوا جهد كبير لتجهيز كل شىء في مقهى “جمهورية القهوة” و قعدوا فترة طويلة علشان يختاروا
أنسب مكان وأيضا أفضل
خلطة قهوة تكون مميزة لهم وبالفعل بعد عناء طويل نجحوا في الوصول لتوليفة قهوة مميزة جدا وبهذا كل شىء
أصبح جاهز لكن قبل الافتتاح
بأسابيع كان بإنتظارهم مفاجأة غير سارة,
ملصات معلقة على جدران الشوارع في لندن تعلن عن افتتاح “مقهي سياتل” و من الجلي من وصف المقهى أنه
يحمل نفس فكرة الاخوان هاشمي.
على الرغم من هذا أكمل الأخوان هاشمي اللطريق وصمموا على بناء علامة تجارية مميزة مختلفة تماما عن أي
منافس وبالفعل نجحوا في
تحقيق هذا الهدف ومن العبارات الجميلة التي ذكرها الأخوان هاشمي في الكتاب هوأنه ” ستصل رسالة علامتنا
التجارية إلى الزبائن من خلال
تصميم المتجر كمرحلة أولى، حيث سيلعب المتجر دور لوحة الإعلانات. و كذلك من خلال كل عنصر داخل هذا المتجر
كمرحلة ثانية مثل أنواع
الأكواب، اختيارات السكر، كثافة المناديل الورقية، الزي الموحد للموظفين…إلخ”
وبدأ الأخوان هاشمي في تدريب فريق العمل كيف يتعاملون مع الزبائن وما هي رسالة و هوية “جمهورية القهوة”
بحيث يكون هناك انسجام تام
بين الفريق و يكون الكل أشبه بوسائل تسويقية مميزة للمقهى.
و في صباح 3 نوفمبر 1995 أي بعد حوالي سنة من الاجتماع المشهور للأخوان هاشمي في المطعم التايلاندي في لندن.
تم افتتاح أول فروع “جمهورية القهوة”.
الأخوان هاشمي بسبب اقترابهم من كل التفاصيل اكتشفوا نقاط الضعف وبدئوا يعالجوها أول بأول. فمثلا قرروا
أن الموظفين لابد أن يتذوقوا أول
3 اكواب قهوة الصبح قبل أن يتم تقديم اي اكواب للزباين لكي يتأكدوا من الطعم وأيضا قام بعض افراد فريق
العمل بالخروج إلى الشارع لتقديم
عينات مجانية للمارة وكمان هنحجز نقاط بيع في الفعاليات والمعارض علشان نعرف العملاء بينا و نخليهم يجربوا
القهوة بتاعتنا علشان يكونوا
زباين دائمين ل “جمهورية القهوة”.
وبدأت المبيعات تزداد لا سيما بعد نشر مقال صحفي عن “جمهورية القهوة” و تبعه تقارير ومقالات تانية عملوا
حالة من الرواج للمقهى وبدأ الجمهور يعرف المقهى .
جمهورية القهوة بدأت تحقق نجاح ملحوظ في الوقت اللي منافسها الأول “قهوة سياتل”. كان يتوسع ووصل عدد
فروعه إلى 3 فروع .
وقرر الأخوان هاشمي أن اللحظة حانت للتوسع
وبالفعل نشروا إعلان في أحد الصحف حول رغبتهم في التوسع واستعدادهم لاستقبال طلبات المستثمرين.
وفعلا استقبلوا مجموعة كبيرة من
العروض التي قارنوا بينها لكي يستقروا على الأفضل ولقد كان مستمثر يدعى “هيب”. الذي اشترط ساعتها أن يكون
المستثمر الوحيد وفي المقابل سيتحمل كامل المبلغ المطلوب
ووافق الأخوان هاشمي واستلموا 600 ألف جنيه استرليني, وفورا بدئوا في تجهيز الفرع التاني من جمهورية القهوة
بالإضافة للتجهيز لحملة تسويقية كبيرة ومتميزة مع شركة تسويق معرفة.
وتم افتتاح الفرع التاني الذي حقق نجاح كبير وبعده في فبراير 1997 تم افتتاح الفرع التالت. الذي مثل نقلة نوعية
لجمهورية القهوة,
وتوالى افتتاح الفروع, بلغ عدد الفروع في سنة 1997 6 فروع. وكل فرع كان بيعرف الناس اكتر على جهورية القهوة
وبالتالي يزيد من قوة العلامة التجارية .
بعد افتتاح الفرع السادس بدأ بوبي هاشمي التحضير لخطة العمل الجديدة. والتي ستتوسع بها جمهورية القهوة
ل 35 فرع وهذا يستلزم 4,5 مليون جنيه استرليني, مبلغ ضخم ساعتها لكن نجاح أول 6 فروع سهل المهمة.
وجعلهم قادرون على أن يحصلوا على التمويل المطلوب.لكن في صيف 1998 افتتحت ستاربكس اول فروعها
في لندن وحققت نجاح كبير. بل واستحوذت على المنافس الاساسي ليهم “قهوة سياتل”
وهذا كان معناه انه لابد أن تقوم جمهورية القهوة بتنفذ خطة التوسع سريعا. و بنهاية سنة 1998
وصل عدد فروع جمهورية القهوة إلى 20 فرع, وتم تعيين مدير إداري قوي ومتميز للغاية لدعم
خطط التوسع السريع ووصلت جمهورية القهوة.
لأكتر من 100 فرع لكي تصبح في حينها واحدة من اشهر مقاهي القهوة في العالم .