التسويق النفسي

1 التسويق النفسي وتطبيقاته الرائعة 

مما لا شك فيه أن التسويق بشكل عام ودراسة سلوك العملاء ودوافعهم يعد أحد انعكاسات علم النفس،

فأي سلوك أو قرار يتخده العميل ما هو إلانتيجة لمجموعة معقدة ومعجزة من التفاعلات النفسية المختلفة

والتي

يشترك في تكوينها البيئة وتأثيرها فيتشكيل شخصية العميل والظروف المحيطة في لحظة اتخاذ القرار

والقناعات التي غرزت بشكل متدرج في أعماق نفس العميل، لذلك فإننا نرى تفاوت كبير في الآراء

بيننا وتباين شاسع في التفضيلات.

إن المسوق الناجح هو الذي يتعامل مع العقل الباطن للعميل و يعي جيدا ميوله وشخصيته

ليحاول أن يجد ذلك الباب الخفي لنفس العميل

والذي ما إن يلجه حتى يصبح قادرا على إيصال المعلومة بشكل مؤثر وفعال في عقل ونفس

العميل

وبالطبع ذل سينعكس على قراره. سواء كان ذلك القرار بشراء خدمة او الحصول على منتج أو حتى انتخاب

مرشح وتفضيله على آخر.

لذلك سنتعرض سريعا لأهم العوامل النفسية التي قد تؤثر كثيرا في رأي وقرار وتوجه العميل المتحمل

وذلك من خلال سلسلة من المقالات الموجزة و المركزة. هيا نبدأ!!

1- التأثير المجتمعي social proof 

الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يتأثر بمن حوله. لذا نجد ان من أهم عوامل اتخاذ القرار الفردي هي نظرة متخذ

القرار لاتجاهات المجتمع المحيط,

ولعل أحد تجليات ذلك التأثير هو ما يعرف بـ” الموضة” حيث نجد أعداد كبيرة من الشباب ترتدي ثيبات بنمط

معين في فترة زمنية معينة (مثلا أحد فصول السنة)

وكأن بينهم اتفاق على ذلك على الرغم من أن الأمر متعلق بالذوق المحض والتفضيلات الشخصية. إلا أن مجرد

رؤية الشاب لمن حوله يرتدي نمط معين من الملابس يدفعه ألا يشذ عن ذلك المجموع وألا يخرج

عن ذلك القرار

الجماعي الضمني, إنه ببساطة “التأثير المجتمعي”. وينقسم التأثير المجتمعي إلى نوعين:

معلوماتي و معياري التأثير المجتمعي المعلوماتي يحدث في حالة غياب المعلومة عن البعض

وتوفرها لدى البعض الاخر. وهذا ما نلاحظه في الشائعات حول أي موضوع من الموضوعات. وليكن ارتفاع سعر

الدولار أو تخمين سهر الذهب, فنلاحظ أن البعض يتصدر بتحليلات شخصية حول ذلك الارتفاع المقبل

الأكيد في سعر الدولار أو ذلك الانخفاض الوشيك لأسعار

الذهب, فتجد الباقيين يبنون نفس وجهة النظر. ليس لأنهم استوعبوها وأدركوا ابعادها ومسوغاتها الاقتصادية.

بل لأن الإعلامي الفلاني ذكر ذلك,

فبالطبع هو يعلم مالا نعمله ونحن نثق بمعلوماته بدرجة ما. لذا لابد أن رأيه سديد, وسرعان ما يتناقل ذلك

الرأي او تلك الشائعة تحت وقع التأثير

المجتمعي لسد الفجوة المعلوماتية بل قد تتحول لما يشبه الحقيقة عند البعض التي لا تقبل جدالا

ولا يرتقي لها أي نقاش محتمل.

أما التأثير المجتمعي المعياري فهو يتعلق برغبة الشخص في عد المجازفة بالإدلاء برأي او اتخاذ قرار يختلف عن

المجموع. فعلى الرغم من أن لديه معلومة أكيدة و شعور أكيد بأن ذلك النمط من الملابس لا يتناسب مع

أخلاقه ودينه إلا أنه يشتريه بأغلى الأثمان حتى لا يكون مختلفاً عن أصدقائه والمحيطين به.

 فهو لن يتحمل نظرات الانتقاد المبطنة ولا العبارات اللاذعة لذا يفر من ألم المخالفة لهم  إلى راحة وطمئنيه

التوافق معهم وتقليدهم. لذا نجد ثناء من النبي صلى الله عليه وسلم على أولئك “الغرباء”

الذين يتحملون ألم مخالفة مجتمعاتهم من أجل التمسك بحبل الله المتين.

هيا بنا لنتساءل: كيف يمكن أن يساهم التأثير المجتمعي في حملات التسويق؟ هناك العديد من

التطبيقات لنظرية “التأثير المجتمعي” في التسويق.

لنأخذ مثال عملي حتى تتضح الصورة. هناك العديد من العلامات التجارية المحلية والعالمية تركز في حملاتها

التسويقية على إظهاراراء الجمهور بشكل مكثف و ذلك لإيصال فكرة محددة لعقل العميل المحتمل

وهي أن هذا المنتج أو ذاك هو محل اتفاق من الجميع وأن الكل يستخدمه باستمرار وأن عدم شرائك له

يجعلك شاذا عن باقي الشباب من فئتك العمرية وهذا بالطبع يكون له أثركبير في تشجيع

الشريحة المستهدفة للقيام بعملية الشراء المطلوبة.

2- تجنب الخسارة Loss Aversion

وفقا للأبحاث العلمية فإن ألم الخسارة أكثر تأثيراً على العميل من ذلك الاحساس المتولد عن تحقيق المكسب.

لذلك نجد الشركات والمؤسسات التجارية تركز على عبارات مثل ” لا تضيع الفرصة” , “آخر قطعة متبقية”.

“العرض لفترة محدودة”.وهكذا. كل تلك العبارات السابقة وغيرها تستثمر ما يعرف بالـ

FOMO fear of missing out

أي خوف العميل من تضيع فرصة أو عرض خاص قد لا يتمكن من الحصول عليه لاحقاً، وهذا أكثر

تحفيزاً على اتخاذ القرار من عبارات أخرى مثل ” استفيد بالعرض” أو ” استمتع بالمنتج” لأن التأثير النفسي

المتولد في حالة الخسارة أكثر من ذلك التأثير المتولد في حالة تحقيق ربح ما.

يمكن الاستفادة من تأثير “تجنب الخسارة” من خلال ابراز ما سيفتقده العميل في حالة عدم شراء المنتج أو

الخدمة .

فمثلا قد يفقد ذلك العرض الحصري الذي نادرا ما يتكرر أو قد يفقد الفرصة للحصول على المنتج

بحجم أكبر من المعتاد بنفس السعر

أو التوصل المجاني أو غيرها من مميزات تشعر العميل المحتمل بأهمية وقيمة ذلك المنتج أو السلعة.

وفي هذه الحالة فإن العميل قد يشتري المنتج أو الخدمة ليس لاحتياجه الاني لها ولكن لخوفه

من تضييع فرصة هامة قد لا تتكرر بسهولة لذلك فهو يميل للشراء مع محاولة اقناع النفسبمبرات أخرى للشراء

فمثلا قد يشتري السلعة ويبرر لنسفه ذلك بأن سعرها سيرتفع قريبا وحينهاسيضطر لدفع مبلغ أكثر من الحالي .

إذا فالحل أن أشتريها الان وأقوم بتخزينها لحين الحاجة إليها .أو ربما يبرر لنفسه ذلك الشراء برغبته في منحها

لأحد أصدقائه ومعارفهالذي يحتاج من وقت لأخرلذلك المنتج أو غيرها من المبررات

التي تهدف لتسهيل عملية اتخاذ قرار الشراء على نفسهوفي ذات الوقت يكون

قد تجنب الأساس بألم تضييع فرصة ذهبية من وجهة نظره. سنكتفي في هذا المقال بذلك القدر

ولكن أود أن أشير في الختام لأهمية دراسة علم النفس التسويقي لكل من يشرع في التعمق

في التسويق و يود أن يكون لديه إلمام ومعرفة عميقة بآلية اتخاذ العميل لقرار الشراء .

لذلك فالغوص في عقل ونفس العميل أمر هام للغاية لكي تصل إلى مفاتيح عقله الباطن

وكيفية اتخاذه لقرارات الشراء المختلفة أو حتى طريقة اقتناعه بالأفكار والآراء.

كما أود أن أشير إلى أن ذلك المقال هو الجزء الأول من تلك السلسلة التي أرجو من الله أن تكون ذات نفع

وانتشار واسع و سأدعم تلك المقالات بسلسلة من مقاطع الفيديو على اليوتيوب يمكنك مشاهدتها

عبر قناتي ويمكن الضغط هنا للانتقال للقناة. وبالطبع فإن كل الآراء والمقترحات هي محل ترحاب ويمكنك

مشاركتي إياها عبر الرسائل أو التعليقات على حساباتي على أي منصة من منصات التواصل الاجتماعي

المتواجد عليها.

وأكرر شكري وتقديري لوصولك بالقراءة لنهاية ذلك المقال ,

على وعد باللقاء في الجزء الثاني من ذلك الموضوع بإذن الله…دمتم في خير